ارحل يا السعدون

بالعضل

الرئيس القادم

الوطن – 25/6/1996

أعلم أن الشخص المعني بهذا المقال سيفسره كالعادة تفسيراً شخصياً ضيقاً أو قد يسعى لتجاهله لكي يظهر عدم تأثره، وعلى أية حال فإنني أتحدث عن رئاسة مجلس الأمة القادم ، ووجوب اختيار شخص آخر غيرالسيد أحمد السعدون، وهذه الدعوة ليست سوى نتاج الرغبة في التغيير نحو الأفضل ومقاومة احتكار المناصب الشعبية ، وليست بالضرورة ناتجة من قناعة بعدم صلاحية الرئيس الحالي وإنما أساسها هو الحاجة إلى إدخال تفكير جديد ورؤية جديدة في العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة ، فرئيس المجلس الجديد ليس كباقي الأعضاء،  فعلى عاتقه مسؤولية جسيمة يتطلب أداؤها الكثير من الموضوعية والحكمة، والقابلية للتطوير أيضاً

إن السيد أحمد السعدون دخل البرلمان أول مرة عام 75 أي قبل 21 عاماً وكانت له محاولة سابقة على 75 دخول إلى المجلس ولم يحالفه الحظ ، أي أن الرجل أمضى ما يقارب 25 عاماً في فلك مجلس الأمة والانتخابات ، ودون شك يفترض أن يكون قد خرج بحصيلة تجعله خبيراً في تداول الشأن العام ، وليس خبيراً في إدارة جلسات المجلس أو في معرفة مواد اللائحة الداخلية ، والخبرة في الشأن العام تتحكم فيها عوامل عديدة من أهمها التجربة الشخصية و الطباع الشخصية، ويلاحظ أن السيد أحمد السعدون كان منذ عام 75 أو قبل ذلك يعيش في أجواء صراع سياسي مع السلطة وبغض النظر عن صواب رأيه أو خطئه في هذا الموضوع أو ذاك إلا أن استمرار تأثره بأجواء الصراع وإحساسه المستمر بوجود مؤامرة يدفعه حتماً إلى إسقاط شيء من الحكمة ، وهذا ينعكس بالضرورة على العلاقات داخل مجلس الأمة وعلى العلاقة مع الحكومة، وفي اعتقادي أن الكويت لم تعد تعيش أجواء صراع سياسي مبدئي وأن المطروح ما هو إلا خلافات في وجهات النظر وخلافات في الاجتهادات، ولكن أسلوب التعامل الحالي مع هذه الاختلافات يدخل البلاد فوراً أجواء التوتر

إن من مواصفات رئيس مجلس الأمة أن يكون قادرا ًعلى إدارة الخلاف لا تجذيره، وعلى تهدئة الأوضاع لا تصعيدها ، ومن خلال استعراض مناسبات التوتر في السنوات الماضية سنجد أن دور رئيس مجلس الأمة لم يكن الدور الموازي لخط الحكومة وإنما كان شريكاً في خلق التوتر السياسي

ولو عقدنا مقارنة بين دور الرئيس الحالي لمجلس الأمة والسيد محمد يوسف العدساني الذي كان رئيساً لمجلس 81 لأدركنا الفارق الكبير، فقد استطاع السيد محمد العدساني احتواء أكثر من قضية كانت مرشحة لتفجير صراع كبير في مجلس 1981

إن رئيس مجلس الأمة القادم يجب أن يكون شخصاً غير خاضع لتأثير الخصومات السياسية السابقة، وغير مقيد فكرياً بنظرية المؤامرة، شخصاً قادرا ًعلى إحداث التغيير السياسي في البلد ، وقادراً على تخليص مجلس الأمة من الكثير من الشوائب التي علقت به بحكم الرأي الواحدة

 

محمد عبد القادر الجاسم